أجاثا كريستي (15 سبتمبر 1890 – 12 يناير 1976) تُعد واحدة من أشهر وأهم الكتّاب في تاريخ الأدب العالمي، والمعروفة بلقب "ملكة الجريمة". أثرت بأعمالها الأدبية على الأدب البوليسي العالمي وقدمت إسهامات بارزة جعلتها من أبرز الشخصيات الأدبية في القرن العشرين. تجاوزت مؤلفاتها 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصصية، بالإضافة إلى أعمال مسرحية وشعرية ومذكرات ذات طابع خاص.

وُلدت أجاثا كريستي في بلدة توركواي، إنجلترا، لعائلة من الطبقة المتوسطة. كانت طفولتها مليئة بالقراءة والموسيقى، حيث تعلمت العزف على البيانو والغناء. رغم أنها لم تحصل على تعليم رسمي منتظم، إلا أنها أظهرت نبوغاً أدبياً منذ صغرها، مستفيدة من المكتبة المنزلية الثرية.

في عام 1914، تزوجت من آرشيبالد كريستي، الطيار في الجيش الملكي البريطاني. لكن هذا الزواج انتهى بالطلاق عام 1928 بعد خيانته لها. لاحقاً، تزوجت من عالم الآثار ماكس مالوان، ورافقته في العديد من رحلاته إلى الشرق الأوسط، مما أثر بشكل كبير على أعمالها وكتاباتها.

بدأت مسيرتها الأدبية مع نشر روايتها الأولى "قضية ستايلز الغامضة" (The Mysterious Affair at Styles) عام 1920، حيث قدمت فيها شخصية المحقق البلجيكي هيركيول بوارو، الذي أصبح لاحقاً أحد أكثر الشخصيات المحبوبة في الأدب البوليسي.

من أشهر أعمالها:

  • "جريمة في قطار الشرق السريع" (Murder on the Orient Express): رواية تجمع بين الغموض والدهاء.
  • "موت على النيل" (Death on the Nile): مستوحاة من رحلاتها إلى مصر.
  • "ثم لم يبقَ أحد" (And Then There Were None): تُعد من أكثر رواياتها مبيعاً وتعقيداً.
  • "جريمة في البيت الكنسي" (The Murder at the Vicarage): أول ظهور لشخصية الآنسة ماربل.

تميزت أجاثا بأسلوبها البسيط والذكي، وقدرتها على بناء حبكات معقدة وشخصيات متشابكة، مما جعل رواياتها محبوبة من جميع الأعمار.

"تعال أقل لك كيف أعيش": المذكرات

مذكرات أجاثا كريستي بعنوان "تعال أقل لك كيف أعيش" (Come, Tell Me How You Live) تُعد واحدة من أكثر أعمالها خصوصية وتفرداً. كتبت هذه المذكرات بأسلوب أدبي يختلف عن رواياتها البوليسية.

تتناول المذكرات حياتها مع زوجها الثاني ماكس مالوان، حيث توثق رحلاتهما الأثرية في الشرق الأوسط خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. كتبت المذكرات بأسلوب مميز، حيث استعرضت تفاصيل الحياة اليومية في الحفريات، والمواقف الطريفة التي واجهتها مع فريق العمل.

تكشف المذكرات جانباً جديداً من شخصيتها، حيث تُظهر شغفها بالثقافات المختلفة واهتمامها بتاريخ وحضارات المنطقة. كما تسلط الضوء على علاقتها القوية بزوجها ودعمها له في مسيرته كعالم آثار. تُظهر المذكرات أيضاً بساطة الحياة في تلك الفترة وكيف كانت أجاثا تستمتع بالمغامرة بعيداً عن الأضواء الأدبية.

تأثير الشرق الأوسط في أعمالها

رحلاتها المتكررة إلى العراق وسوريا ومصر مع زوجها ألهمت العديد من رواياتها. مثل:

  • "موت على النيل": استلهمتها من زيارتها لمصر.
  • "موعد مع الموت" (Appointment with Death): تدور أحداثها في منطقة البتراء بالأردن.
  • "جريمة في بلاد الرافدين" (Murder in Mesopotamia): مستوحاة من حفريات زوجها في العراق.

أعمالها المسرحية

بالإضافة إلى رواياتها، كتبت أجاثا عدداً من المسرحيات الناجحة، من أبرزها "مصيدة الفئران" (The Mousetrap)، التي تُعتبر أطول مسرحية عُرضت في تاريخ المسرح. كما حققت مسرحياتها نجاحاً كبيراً، ما رسخ مكانتها ككاتبة متعددة المواهب.

حياتها الأخيرة ووفاتها

في سنواتها الأخيرة، تفرغت أجاثا للكتابة وتوثيق حياتها. عانت من مشاكل صحية مع تقدمها في السن، لكنها استمرت في إنتاج أعمال أدبية حتى وفاتها في 12 يناير 1976 عن عمر يناهز 85 عاماً.

رغم مرور عقود على وفاتها، لا تزال أجاثا كريستي واحدة من أكثر الكتّاب مبيعاً في العالم، حيث تُرجمت أعمالها إلى أكثر من 100 لغة. ويُقدر إجمالي مبيعات كتبها بأكثر من ملياري نسخة، مما يجعلها ثاني أكثر مؤلف تُباع كتبه بعد شكسبير.

كانت أجاثا كريستي كاتبة استثنائية أثرت في الأدب العالمي بأسلوبها الفريد وشخصياتها التي أصبحت أيقونات ثقافية. مذكراتها "تعال أقل لك كيف أعيش" تُبرز جانباً مختلفاً من حياتها، حيث تقدم رؤية عميقة لإنسانيتها وشغفها بالمغامرة والاكتشاف. إرثها الأدبي سيظل خالداً، مؤكداً مكانتها كإحدى أعظم الكتاب في التاريخ.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم